الجزء الأول: الثورة الصناعية الرابعة: كيف يمكن للقيادات الترفيهية قيادة التغيير الرقمي؟
إستمع للمقال
في عصر يعيد فيه الابتكار الرقمي تشكيل الصناعات بوتيرة غير مسبوقة، كيف يمكن لقيادات قطاع الترفيه أن يبحروا بفعالية في تيارات الاضطراب التكنولوجي؟ يكمن هذا السؤال في قلب ارتباط قطاع الترفيه بالثورة الصناعية الرابعة، وهو نقلة نوعية تعمل بشكل أساسي على تغيير مشهد إنشاء المحتوى وتوزيعه واستهلاكه.
ويشير مصطلح الثورة الصناعية الرابعة، أو ما يعرف بــ 4IA وهو المصطلح الذي صاغه كلاوس شواب من المنتدى الاقتصادي العالمي لأول مرة سنة2015، إلى اندماج المجالات المادية والرقمية والبيولوجية لتوليد سلوك أشبه بالسلوك الانساني بل مطابق له.
ويتميز هذا العصر التكنولوجي بالتقدم السريع في الذكاء الاصطناعيIA، والروبوتات، وإنترنت الأشياء IoT، والحوسبة الكمومية، من بين مجالات أخرى. بالنسبة لصناعة الترفيه، تقدم هذه الثورة فرصًا غير مسبوقة وتحديات هائلة تفرض على هذه القيادات _التي تجعل من الشباب أقصى اهتماماته_ تحديات تطوير مهاراتها و طريقة تعاملها مع مخرجات هذا التقدم لاحتوائه بما لا يحرمه من الاستمتاع ابداعا و ابتكارا و فق السياقات الاخلاقية و الامنية التي تبقيه بعيدا عن مخاطر الاستهلاك.
يتم التأكيد على ضرورة فهم التحول الرقمي في قطاع الترفيه من خلال بيانات السوق المقنعة، من المتوقع ان يصل سوق التحول الرقمي العالني الى تقييم سوقي قدره 3.8 ترليون دولار أمريكي بحلول عام 2026 و يتوسع بمعدل نمو سنوي مركب معقول يبلغ 16.06% خلال الفترة المتوقعة (2021-2026)، ولا يوضح هذا المسار المحور الرقمي للقطاع فحسب، بل يؤكد أيضًا على الأهمية الحاسمة للتكيف التكنولوجي لاستدامة أنشطة الترفيه الرقمي في المؤسسات الشبانية و نموها.
وبالتالي، تواجه القيادات الترفيهية مهمة التنقل في هذا المشهد الرقمي المعقد، والاستفادة من التقنيات الناشئة لتلبية الحاجيات و الحاجيات المتوقعة و المتطورة للشباب والحفاظ على ميزة السبق في احتوائها و تلبيتها.
بهذا الفهم لماهية الترفيه الحديث، لا تمتلك القيادات الترفيهية خيار اعادة التنظيم اتجاه السلوك التكنولوجي، بل هي مجبرة على اعادة تقييم نظرتها التقليدية وتبني منظور أكثر شمولية وجدية، فلم يعد الترفيه مجرد وسيلة لقضاء الوقت، بل أصبح صناعة متكاملة تتقاطع فيها التكنولوجيا والاقتصاد والثقافة، و مع هذا الادراك يكون تغيير السلوك الوظيفي أمر حتمي في التعامل مع موضوع التحول الرقمي في الوسط الشباني بجدية قصوى.
إن تأثير الثورة الصناعية الرابعة 4IA على صناعة الترفيه متعدد الأوجه، يشمل التغييرات في منهجيات الإنتاج، وآليات تقديم المحتوى، واستراتيجيات مشاركة الجمهور، وتتطلب هذه الثورة التكنولوجية اتباع نهج استراتيجي للتحول الرقمي داخل المرفق الترويحي، مما يجبر القيادات الترفيهية و الجهات الرسمية الوصية على إعادة تقييم مشاريعهم البيداغوجية التقليدية وتبني نماذج بيداغوجية مبتكرة تكون لها القدرة على استلهام عقول الشباب داخل المرفق الترويحي.
تغيير الثورة التكنولوجية الرابعة لسلوك المستهلك وتوقعاته:
لقد بشرت الثورة الصناعية الرابعة بعصر جديد من الابتكار التكنولوجي الذي يعيد تشكيل المشهد الترفيهي بشكل عميق مفاهيميا و سلوكيا، ويعود هذا التحول في المقام الأول إلى ظهور التقنيات المتقدمة وتقاربها وما نتج عنها من تحول في سلوك المستهلك وتوقعاته.
لقد أدى انتشار هذه التقنيات إلى تغيير سلوك مجتمع المستهلكين و توقعاته، و في مقدمته مجتمع الشباب باعتباره المجتمع الثاني في المجتمع الكلي، على مستوى:
1. المحتوى المخصص حسب الطلب:
يتوقع المستهلكون الآن الوصول الفوري إلى مجموعة واسعة من المحتوى المصمم خصيصًا لتفضيلاتهم، وفقًا لـ موقع Modor Intelligence ،يقدر حجم سوق الفيديو عند الطلب بـ 115.55 مليار دولار أمريكي في عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 191.74 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي قدره 10.66٪ خلال الفترة المتوقعة (2024-2029).
- تجارب تفاعلية وغامرة:
هناك طلب متزايد على تجارب الترفيه التفاعلية والغامرة، وجدت دراسة أجراها موقع Academy of Animated Art في عام 2022 زاد عدد مستخدمي الواقع الافتراضي الى أكثر من 171 مليون مستخدم.
- المشاركة متعددة المنصات:
يتفاعل المستهلكون بشكل متزايد مع المحتوى عبر منصات وأجهزة متعددة. تشير Statista (2024) إلى أن 72% من المستهلكين في الولايات المتحدة يستخدمون أكثر من جهاز واحد أثناء مشاهدة التلفزيون أو بث المحتوى.
- المحتوى الذي ينشئه المستخدم:
أصبحت الخطوط الفاصلة بين منشئي المحتوى والمستهلكين غير واضحة. اعتبارًا من عام 2024، تضم منصات المحتوى التي ينشئها المستخدمون مثل TikTok أكثر من 1.5 مليار مستخدم نشط شهريًا (Statista، 2024)، مما يشير إلى التحول نحو ثقافة المستهلك في مجال الترفيه.
5. المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات: مع زيادة جمع البيانات والتخصيص، أصبح المستهلكون أكثر وعيًا بقضايا الخصوصية.
وجدت دراسة استقصائية أجرتها شركة KPMG (2024) أن 86% من المستهلكين يشعرون بالقلق بشأن خصوصية البيانات عند استخدام خدمات الترفيه الرقمية.
تمثل هذه التطورات التكنولوجية والتحولات في سلوك المستهلك فرصًا وتحديات لقادة قطاع الترفيه. وستكون القدرة على تسخير هذه التقنيات مع تلبية توقعات المستهلكين المتطورة أمرًا بالغ الأهمية في دفع التغيير الرقمي والحفاظ على القدرة التنافسية في عصر الثورة الصناعية الرابعة.